الأرشيف

قطار 913

:

بقلم : اسامة طموم

‎بعدما تمكنت من الحصول على تذكرة في أخر وقت قبل مغادرة القطار متوجهاً الى محافظة الاسكندرية زيارة ليوم واحد، كنت سعيدا بأن مكانى بالقطار جاء بجوار النافذة لكى استرجع ذكريات سنوات تخطت العشرين عاماً هي أخر مرة زرت فيها عروس البحر المتوسط ، وكان في ميخلتى التمتع برؤية المشاهد الجميلة للحقول والمزارع أثناء رحلة سفرى ، تحرك القطار في الميعاد المحدد مما يعكس عودة الالتزام بالمواعيد المقررة للقطارات ، وكنت شغوفاً للرجوع لذكريات سنوات مضت أثناء الغوص مع مشاهدة منظر الخضرة والجمال أثناء سفرى لكى ترتاح النفس من مشاغل الحياة اليومية وأعباء العمل ، ولكن بعد مرور الوقت والقطار في طريقه لم أجد ما أصبوا إليه ، وكأن القطار سلك طريق أخر، أين الطريق الزراعى ؟ لم أرى المناظر الطبيعية الجميلة التي كانت على مساحات كبيرة لا تنقطع أثناء سفرك الى مدينة الاسكندرية ، لم أرى إلا حقول تخللتها مبانى وأعمدة خرسانية فلم تعد الرقعة الزراعية كسابق عهدها من قبل ، لقد جثم عليها البناء العشوائى لسنوات كثيرة من الإهمال والتراخى مما أدى للوصول لهذه المرحلة الصعبة ، فلا تجد رقعة زراعية إلا وبها بناء عشوائى استقطع منها ، تمنيت وانا في القطار بعدم بدء رحله السفر لكى احتفظ بذاكرتى لهذا الطريق كسابق عهده من مناظر خلابة للريف المصرى الجميل .

لا شك أن المحافظة على الأراضى الزراعية الخصبة وتنميتها أيسر من استصلاح أراضي صحراوية لما تمثله من تكلفة باهظه لاستصلاحها وتوصيل المياه لها في ظل المحافظه على مصادر المياه وترشيدها ، فكيف وصل الحال بنا الى هذا ؟ ولمن تقع المسؤوليه عليه بالتعدى على هذه الأراضي الزراعية التي تمثل مصدر الغذاء للمصريين ، إن هذا المشهد يمثل تجسيداً واضحاً للفساد في صوره المختلفه للإضرار بمصالح الوطن ، ومهما كانت الأسباب والمعتقدات للبناء على هذه الأراضي فهى جريمة بكل المقايس شارك فيها كل من قاموا وسمحوا بها الى أن وصلنا الى هذا الحد من العشوائيات والتي تقف عائقاً أمام كل تنمية وإصلاح ، وأظن أن الدولة سارعت بخطوات كبيرة في هذا الشأن ببناء عدد من المدن الجديدة في كل المحافظات لم يسبق ببنائها في عهود سابقة في خلال سنوات معدودة لكى يستطيع كل مواطن التقدم للحصول على مسكن ملائم بشكل حضاري، ومازالت الدوله تتوسع في هذا الملف لتحاول تلبية الاحتياجات السكنية للمواطنين، والتي كانت أحد أسباب التعدي على الأراضي الزراعية . ‎

إن تثبيت أركان الدولة المصرية مسؤولية الجميع ولابد من تمكين القانون للتعامل بكل حزم وقوة في هذا الشأن وهذا ما أكده الرئيس أثناء افتتاح عدد من المشروعات بالإسكندرية بتوجيه رسالة حاسمه ” المسؤول الذى لا يستطيع التصدي للمخالفات بمنطقته يترك مكانه ” وهذا يعكس مدى إصرار الدولة لمواجهة كافة التعديات على الاراضي على مستوى الجمهورية ولابد أن يعى كل مواطن أنه لا مناص من تطبيق القانون على الجميع . ‎

لا أدرى لماذا لم تواجه الدولة في عهود سابقه هذا الملف الخطير بالشكل المطلوب الى أن تفشى كالسرطان وأصاب كافه المحافظات ، هل يكون درءًا للمواجهة مع المخالفين والمحافظة على الشعبية ، أوهناك فئات من ضعاف النفوس يستفيدون من هذا الوضع ويقومون بالتستر على هذه المخالفات ، أم هي سياسة الايدى المرتشعة التي تخشى اتخاذ قرار يعكر الصفو ولو كان على حساب مصلحة الوطن . ‎

لقد بات واضحاً للجميع عزم القيادة السياسية في إعادة اصلاح منظومة البناء العشوائى والتعدى على أراضي الدولة والتصدي لهذا الملف بكل قوه وحسم ويتضح هذا من قول الرئيس السيسى ” يانوقف التعديات ونبقى دولة مظبوطة يا أسيب مكانى وأمشى من هنا، وحد تانى يتولى البلد دى يضيعها أو يخربها ” .

ولعلنى اتسأل لو كانت مصر تسير بنفس الخطى للسنوات السبعه الماضيه من إعادة البنية التحتية والإسكان والطرق وإصلاح اراضى وغيرها من المشاريع التي لا يتسع المقال لسردها ، بالاضافه الى تسليح الجيش بأحدث الأسلحة لمواجهة أى أخطار محتمله لكانت مصر في مقدمه الدول ؛ ولكن نحمد الله ان بدائنا وسارعنا بخطى كبيره نحو تحقيق تنمية وتقدم في ظل قياده وطنية تخطط للأجيال تسعى بخطىء ثابته مستعيناً بتوفيق من الله ويقيناً من دعم ومساندة المصريين لتحقيق النجاح.

الحفاظ على الوطن وتنميته هي مسؤولية الجميع ، وكما ان الدولة تقر بحقوق سكان العشوائيات في حياة كريمة وتقوم ببناء المدن لهم لابد من المحافظة على هذا الشكل الحضاري ومنع أي تعدى أو بناء عشوائى لكي يتم تخطيط وتنظيم المدن وتوصيل المرافق لها بالشكل المطلوب الذى يحافظ على أدامية المواطن في إسكان يليق به كمواطن مصرى .

من الواضح ان أعداء الوطن يحاولون بكل الطرق التشكيك فى أى عمل يسعى للتنمية والنهوض فهم لا يريدون أن تنتهي مصر من ملف العشوائيات لانها تعتبر بيئة لهم في بعض الأماكن لنشر الأفكار المتطرفة، ولكن وعى وإدارك المصريين يقضي على احلامهم الباطلة وثقته في قيادته السياسية كفيلة بأن تعبر بمصر الى بر الأمان ودحر أي محاولة للنيل منا على صخرة الصمود والتلاحم فيما بيننا