الأخبار

ننشر.. كلمة السيسي في القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي بالنيجر

:

ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، صباح اليوم الأحد، كلمة في افتتاح القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي في مدينة نيامي عاصمة النيجر، أكد خلالها أن دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية حيز النفاذ يعد علامةً فارقةً في مسيرة الاندماج الإقليـمي في القـارة، وامتدادًا طبيعيًـا للعمل الإفريقى المشتـرك فى هذا المجال على مدى عقود من الزمن.


كما أكد الرئيس السيسي، أهمية هذه القمة الاستثنائية، فبجانب إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية، سيتم العمل على بحث التصور الخاص بالمرحلة التنفيذية والتشغيلية بهدف تعزيز التجارة البينيـة، وإزالة الحواجز والمعوقـات الجمركيــة وغير الجمركية.

وإليكم نص الكلمة:

أصحاب الجلالة والفخامة والمعالي ملوك ورؤساء الدول والحكومات الإفريقية.. موسى فقيه محمد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي.. رؤساء الوفود، الحضور الكريم..

 أود في البداية أن أعرب عن التقدير لأخي العزيز الرئيس “محمدو إيسوفو” على حفاوة الضيافة وحسن التنظيم من قبل دولة النيجر الشقيقة، فضلاً عن الجهود التي يبذلها سيادته في إطار ريادته لاتفاقية التجارة الحرة القارية، ومثابرته لدفع الاتفاقية للأمام، مما أثمر عن دخولها حيز النفاذ فى 30 مايو الماضى.

كما أتوجه بالشكر لـ موسى فقيه محمد، رئيس المفوضية وأعضاء المفوضية على ما يتم بذله من جهد في هذا الشأن.

الأخوة والأخوات، نستحق أن نهنئ أنفسنا على هذا الإنجاز الكبير الذي تم تحقيقه بفضل إرادة الدول الإفريقية، وإيمانها برؤية الآباء المؤسسين، ومساعيها الدءوبة لتحقيق مستقبل مشرق لقارتنا الحبيبة وشعوبها العريقة، فلقد قطعنا بالفعل شوطًا طويلًا على مسار أجندة الاتحاد الإفريقي 2063، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والنهوض بالقارة الإفريقية، وأصبحنا على الطريق الصحيح نحو حقبة جديدة واعدة تتسم بالتنمية والتقدم بدلًا من الركود الاقتصادي والنزاعات.

ويعد دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية حيز النفاذ علامةً فارقةً في مسيرة الاندماج الإقليـمى فى القـارة، وامتدادًا طبيعيًا للعمل الإفريقى المشتـرك فى هذا المجال على مدى عقود من الزمن، بدءًا من تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963، ومرورًا بخطة عمل لاجوس عام 1980، ومعاهدة أبوجا لإنشاء الجماعة الاقتصادية الإفريقية عام 1991، وصولاً إلى دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية حيز النفاذ فى 30 مايو 2019.

إننا على مشارف تفعيل أحد أكبر مناطق التجارة الحرة في العالم، بحيث تضم ما يقرب من 1.2 مليار نسمة، وناتجًا محليًا بإجمالي يقدر بنحو 3.4 تريليون دولار، ومع اعتزازنا بهذا الإنجاز الكبير، علينا أن ندرك أن الطريق مازال طويلاً لتطبيق الاتفاقية على أرض الواقع وجنى ثمارها الواعدة، ومن أهمها رفع معدل التجارة البينية الإفريقية، الذى يقدر بنحو 15% فقط حاليًا، وتحقيق التكامل الإنتاجى والصناعى، مما يتطلب المزيد من الجهد والمثابرة لتحرير التجارة فى السلع والخدمات، وتوفير الضمانات التجارية اللازمة، وخلق البيئة الاستثمارية المواتية، واستكمال مفاوضات المرحلة الثانية في هذا الإطار، قاصدين بذلك تحقيق أهداف الاتفاقية الطموحة وتلبية التطلعات المشروعة لشعوبنا العريقة فى التنمية والتقدم والرقي.

لهذا، لا يسعني إلا أن أؤكد أهمية هذه القمة الاستثنائية، فبجانب احتفالنا اليوم بإطلاق منطقة التجارة الحرة القارية، سنعمل على بحث التصور الخاص بالمرحلة التنفيذية والتشغيلية بهدف تعزيز التجارة البينيـة، وإزالة الحواجز والمعوقـات الجمركيــة وغير الجمركية، مع استعراض التقدم المحرز في المفاوضات التجارية التكميلية، بهدف إصدار التوجيهات اللازمة للتغلب على المعوقات التي تواجهنا في مسارنا نحو تحقيق أهداف الاتفاقية.

وسيشهد اليوم إطلاق نظام المقاصة والمدفوعات الإلكترونية الذي نأمل جميعًا أن يحدث نقلة نوعية فى معدلات التبادل التجاري البينى.

أصحاب الجلالة والفخامة والدولة، في ذات الإطار؛ يتعين علينا كذلك تعزيز التواصل مع القطاع الخاص ومجتمع رجال الأعمال والمجتمع المدني، للتعرف على تطلعاتهم والاستفادة من خبراتهم ومعالجة المعوقات التي يواجهونها في الميدان، تمهيدًا للخروج بتوصيات ومخرجات قابلة للتنفيذ تمكننا نحن رؤساء الدول والحكومات من توفير الضمانات اللازمة لاحتضان رواد الأعمال الأفارقة ودعم الصناعات المحلية والإستراتيجية الإفريقية، كما لا ينبغي أن نغفل أهمية الاستثمار في أهم مورد تمتلكه القارة، وهم الشباب الإفريقي رجالًا ونساءً بالتساوي، والذين نعول عليهم كثيرًا لاستكمال المسيرة وتحويل حلم الجماعة الاقتصادية الإفريقية إلى واقع، متزودين بحماسهم وإبداعهم وطاقاتـهم الخلاقة.

كما أن الارتقاء بشبكة البنية التحتية الإفريقية أمر لا بد منه لنجاح الاتفاقية باعتباره ضرورة حتمية لأي تجربة ناجحة للتكامل الإقليمي، وهو ما نبتغيه في قارتنا العظيمة، فعبرها ستنساب حركة السلع والخدمات والاتصالات والبيانات والأفراد، وتقل تكلفة التجارة والاستثمار مما يحفـز المزيـد من النمــو ويصب بشكل مباشر في تحقيق مهمتنا الرئيسية وهي النهوض بمستوى معيشة المواطن الإفريقي، ومن هذا المنطلق، نتطلع نحو الإسراع بمعدل تنفيذ برنامج تنمية البنية التحتية في إفريقيا PIDA بمراحله المختلفة نظرًا لدوره المهم في سد الفجوات التي يحتاجها مشروع التكامل الاقتصادي الإفريقي.

الحضور الكريم، إن إفريقيا اليوم محط أنظار العالم، ونجاح منطقة التجارة الحرة القارية هو الاختبار الحقيقى لتحقيق طفرة اقتصادية تلبى تطلعات شعوبنا فى العيش الكريم الآمن، وتعزز من موقفنا التفاوضي في المحافل الاقتصادية والسياسية الدولية، ومن ثم تضمن موقعًا جديدًا للقارة الإفريقية على خريطة الاقتصاد العالمي، مما يرفع من مكانة إفريقيا التي لطالما كافح آباؤنا المؤسسون للحفاظ عليها والارتقاء بها، ويجعل من منطقة التجارة الحرة القارية بمثابة السفينة التي تحمل معها جميع الدول الإفريقية دون استثناء نحو تحقيق المنفعة المشتركة.

ومن هذا المنطلق، أود أن أدعو كافة الدول الأعضاء للتصديق على اتفاق التجارة الحرة القارية، فكلما زادت أعداد الدول الموقعة والمنفذة للاتفاق زادت المنافع المتولدة عن تحرير التجارة وعائدها على شعوبنا الإفريقية.

أود أن أختتم كلمتي بتأكيد حرصي كرئيس للاتحاد الإفريقي على الخروج من اجتماعنا اليوم بنتائج ملموسة تعطي دفعة حقيقية لبدء سريان اتفاقية التجارة الحرة القارية، وتنقلنا من مرحلة البناء المؤسسي إلى ميدان العمل الفعلي، كما أجدد شكري لأخي الرئيس “محمدو إيسوفو” وأخي “موسى فقيه”، ولكم جميعًا أصحاب الجلالة والفخامة والدولة، وأعلن افتتاح أعمال قمتنا الاستثنائية.